
الأم عبلة
والابنة زينة
حققتا النجاح بالحب
جميل بل أمر رائع أن نرى نموذجاً للعلاقة الصحية بين الأم وابنتها، أي التي يحاط بها الحب والاحترام، لكن الأجمل أن نراها علاقة صداقة وطيدة وعميقة، وهو ما لمسناه يجمع ضيفتينا الأم عبلة العيسى والابنة زينة الحميضي، بل أن قائمة الأشياء التي تجمعهما طويلة، لعل أبرزها النجاح في العمل والبيت والاهتمام في العيش بنمط صحي، ناهيك عن الاناقة والذوق.
فكان الحوار معهما شيقاً وممتعاً، حيث أردنا في زفاف أن نقترب من هذا النموذج الجميل للأسرة الكويتية العصرية.

عبلة العيسى في سطور
تَلفتُ نظركَ برُقيّها من لحظة تحدثك معها، تُعجب بذوقها الذي جُسد في كل قطعة اقتنتها بدقة في منزلها، ترى رونقها ليس فقط في اختيارها لتفاصيل ثيابها، بل في حديثها المليئ بالشغف والأمل عن حب الحياة والسفر والسلام مع الآخر، هي الأم التي دوماً يأتي بيتها أولاً، والجدة التي تعشق الاعتناء بأحفادها، هي خير نموذج للمرأة الكويتية التي تمكنت من إدارة بيتها بنجاح وحب والعناية بذاتها في ذات الوقت.

* تميزت بالطاقة المفعمة بالإيجابية على صفحتك في مواقع التواصل الاجتماعي، فكيف بدأتِ في نشر هذه الطاقة وما الرسالة التي كنتِ تسعين إليها؟
كان حسابي على الإنستغرام في البداية حساباً خاصاً بيومياتي المصورة والمكتوبة، ومع الوقت بدأ الكثير من الأشخاص الذين يستفيدون منه يطالبونني بتحوليه إلى حساباً عاماً ليستفيد منه الجميع. وبعد تفكير قررت أن أفتحه للجميع، وركزت من خلاله على إظهار نموذج العائلة الكويتية التي بإمكانها أن تعيش حياتها بحب وسعادة، وتقبل للآخر وفي ذات الوقت يحمل كل فرد منها رسالة وعمل وحياة متوازنة. فأنا كأم أهتم جيداً بكل فرد بعائلتي وبأحفادي وأخصص لهم وقتاَ خاصاً، ولكن في ذات الوقت لا أنسى نفسي كامرأه وأعطيها بكل حب واهتمام.
ولأن أغلب متابعيني فتيات بمرحلة عمرية صغيرة، حرصت على أن أسلط الضوء على أن الحياة أجمل حين يكون الفرد ذاته وليس نسخة من أحد، ويجب أن يركز فيها على ما لديه من مواهب واهتمامات، وإخراج ما لديه من طاقة تعزز ذاته وتقيه الآن ومستقبلاً من الكثير من المشاكل.
* ما الذي تغير بك بعد التقاعد وكيف غيرت من الصورة النمطية للمرأة المتقاعدة؟
لم تكن تعجبني الحياه النمطية للمرأة المتقاعدة فلم أكرس حياتي للجمعات والأسواق، بل أطلقتُ مافي داخلي من هوايات كالرسم والتصميم، بعد أن حيدتها فترة بسبب العمل وعدت أمارس رياضتي بانتظام، وأمارس اليوغا والرقص، وعدت للقراءة من جديد. فأنا إنسانة عاشقة للنهار وقد استغليته إيجابياً بكل شئ. بل وزاد عطائي لنفسي، بعد أن أصبح وقتي ملكي وفعلاً حرصت على ممارسة كل ما أحب.

تتجولين بين العديد من بلدان العالم وتعشقين السفر، فما الرحلة المميزة التي لا يمكن لكِ أن تنسيها وكانت الأقرب لقلبك؟
منذ صغري وأنا محبة للسفر، فكنت دوماً أسافر مع أسرتي ومن ثم مع عائلتي، ولكن بعد تقاعدي بدأت أعطي وقتاً أكثر للسفر، ومؤخراً بات يستهويني الشرق، ولا يمكن أن أختار دولة معينة لأن كل بلدٍ أسافر إليها تلامس داخلي شيئاً، ولكني أحب الحارات والأحياء الشعبية والأماكن القديمة التي أراها النبض الحقيقي للشعوب والتي من خلالها أطل على جمال الحضارات الإنسانية، فرؤية مدى بساطة الشعوب ومدى تمتعهم بالسلام والسعادة، رغم ظروف حياتهم يعتبر بمثابة «ديتوكس» للروح. ومن الدول التي أحب أن أزورها سنوياً هي الهند الجميلة انطلاقاً من دلهي، ففي كل عام أخصصه لاكتشاف مدينة معينة.
* حفاظك على شبابك وحيويتك لافت ومبهج، فلو اختصرنا سر هذا الجمال الداخلي والخارجي في كلمات محددة، فماذا يمكن أن تكون؟
تربينا أنا وإخوتي على نمط الحياة الصحية منذ الصغر، وكان من غير المسموح لنا تناول الأطعمة السريعة إلا وجبة واحدة يوم الجمعة، فتربيت على النظام الصحي، وعلى ضرورة تناول الإفطار لأنها وجبة رئيسية ومهمة، فكان من غير الممكن أن نذهب إلى المدرسة من دون تناول وجبة الفطور، وكنا نجتمع على وجبات الطعام الرئيسية دوماً، وكانت الفاكهة دائماً بديلة للحلو، فأبي كان حريصاً كل الحرص على أن يكون نظام غذائنا صحي، وهذا ما نقلته إلى بناتي وابني وما ينقلونه هم الآن إلى أبنائهم وبناتهم، فلم أُدخل في ثقافة أولادي الأكلات غير الصحية أبداً رغم أنهم في مرحلة مراهقتهم خرجوا عن هذا المسار لفترة ولكنهم ولله الحمد عادوا إلى ماتربوا عليه.

كما أنني أصبحت مؤخراً مواظبة على ممارسة الرياضة بشكل يومي، فهي الآن جزء أساسي من حياتي، وشعرت بالفارق الكبير في صحتي الجسمانية بعد الالتزام. وأهتم أيضاً ببشرتي بشكل دائم وتناول الفيتامينات اللآزمة لها. «فأنا أؤمن أنه كلما أعطى الإنسان لنفسه وجسمه عاد عليه ذلك بالنفع وبأن الوقاية المبكرة هي دوماً خير من العلاج». أما الجمال الداخلي فاكتسبته أيضاً من أسرتي المنفتحة فكرياً والمتقبلة لكل المذاهب والأديان، فكبرت على الأخلاق والإنسانية كمنهجان أساسيان للحياة.
* كل عقد تلبسينه يحمل وراءه قصة ومعنى، فأخبرينا عن كل عقد وما يرمز إليه وما السر وراء اقتنائك لهم؟
أنا أحب اقتناء الأشياء الغريبة والنادرة والتي تحمل وراءها قصة، ف «عقد إيزيس» رأيته في أسوان بمصر ومن ثم بدأت أقرأ عن إيزيس فعرفت أنها رمز الأمومة والخصوبة والعائلة، فقررت اقتنائه. أما «عقد الكف» فهو يعبر عن أصابع الإنسان الخمس وحواسه الخمس، فالعلاقة الفلسفية بين الحواس واليد جذبتني لاقتنائه، أما»عقد عشق» فأنا اخترته بنفسي بعد أن استلهمتني مقولة لشمس التبريزي، «العشق ماء الحياة والعشيق هو روح النار، يصبح الكون مختلفاً عندما تعشق النار الماء».
* ما الحكمة أو المقولة التي تعبر عنكِ أو عن شخصيتك عن قرب؟
«داخل كل امرأة طفل، لا يعرف الملل، ولا يعرف الكراهية، ولا يعرف الكبر» فأنا أشعر فعلاً أن بداخلي طفلة، حيوية، ومقبلة على الحياة».
من من بناتكِ تشبه شخصيتك أكثر؟
كل منهن يحمل شيئاً من شخصيتي، فزينة هي عبلة الصغيرة التي تهتم بأناقتها ومجوهراتها ومظهرها، وبدرية ابنتي الكبيرة التي أخذت الجانب العملي والمهني بطريقتي فهي منجزة جداً وتقوم بعملها على أكمل وجه، أما طيبة فهي تشبهني في طريقة تربيتها لأبنائها وحزمها وقت الخطأ.
* كيف تختارين أزياءك؟
بعناية وليس بالضرورة أن أتابع كل صيحات الموضة، فما يهمني هو أن تكون القطعة مكملة لعبلة، أنثوية ومناسبة. ومن أكثر الألوان الذي أحبها وأراها الأقرب لنفسي هما الأسود لأنه ملك الأناقة والألوان، والأبيض العاكس للنقاء والصفاء.
* ما هي الكلمة التي تردديها وتوجهي بها بناتك وابنك دوماً؟
ما أحرص على قوله لهم «عيشوا حياتكم»، فالحياة ليست كلها سكر وعسل، ولولا مرارتها ما استمتعنا بحلوها.
لذا قللوا المرارة قدر استطاعتكم وتجاوزوها وزيدوا الحلاوة، فنحن بيدنا أن نقلل مساحة الحزن، وألا نقف على شيء مضى.
* ما الركن الذي تجدين فيه ذاتك أكثر في منزلكِ، وكيف صممته؟
كل ركن في منزلي صممته بحب لأني أعشق الفن والتصميم، فأنا مهندسة ديكور بيتي، فقد اخترت كل زاوية فيه بعناية، وكل مساحة فيه تعنيني، وهناك وقت محدد أمارس فيه التأمل في ركن معين من منزلي، ووقت آخر أرقص فيه في زاوية أخرى من المنزل. ولا أقتني القطعة أو اللوحة إلا إذا شعرت بالتواصل معها، فأذكر على سبيل المثال أن أعجبتني أربع لوحات لفنان واحد في أحد المعارض، فأهديت لكل ابنة من بناتي واحدة والرابعة لبيتي، ليكون الفن أداة للتواصل بيننا.
* حدثينا عن شعوركِ كأم وقت زفاف بناتك الثلاثة؟
في زواج ابنتي طيبة وهي ابنتي الوسطى وأول فرحتي كنت شديدة التأثر ولم أتمالك دموعي في زفتها، وفي عام 2014 توالت الأحداث سريعاً وتزوجت بدرية ابنتي الكبرى أول السنة، وتزوجت زينة ابنتي الصغرى في آخرها، فكانت أول سنة يخلو فيه علي المنزل.
* ما الحب بالنسبة لعبلة؟
تزوجتُ عن حب، ووقفت مع أبنائي في اختياراتهم لشريكِ حياتهم، فهي حياتهم ومن حقهم أن يختاروا من سيكملها معهم. فالحب هو أرق وأجمل شعور في الحياة. من ملأ قلبه بالحب لن يشيخ أبداً.
زينة الحميضي في سطور
ملامحها الناعمة وعفوية ضحكتها تُشعركَ بالسكون، ولكن وراء هذا السكون سيدة أعمال فريدة في عالم المطاعم، اهتمامها بأدق تفاصيل الدعاية والإعلان وتطوير الأعمال انعكس بقوة على أعمالها فبرزت بنجاح وتميز، هي الزوجة والأم التي توازن بين إدارة أعمالها وأسرتها الصغيرة، إنها نموذج فريد للشابة الكويتية التي تعرف تماماً أهمية الوقت والعمل والإنجاز، وما أروع أن يكون للمرأة كيان خاص.

حدثينا عن مجال عملك، وكيفية توظفيك لفن الإبداع التصويري في أعمالك وإنستغرامك؟
أعمل في مجال تطوير أعمال وتسويق المطاعم، وأحب هذا المجال كثيراً وأرى نفسي فيه، بل وأعطي له الكثير من الوقت، لأني أشعر فيه أنني لا أعمل فقط بل أمارس هوايتي، فمن الجميل أن يكون عمل المرء هو نفسه هوايته، وبالفعل أشرف على كل ما له علاقة بالتصوير والدعاية والإعلان لأني أحب التصوير جداً، فعلى الرغم من أنني لست مصورة إلا أن لدي نظرة عميقة في مجال التصوير والتصميم، وأحب كذلك الاهتمام بزوايا محددة في التصوير، وألتقط أخطاء التصميم بدقة حتى يظهر عملي بعد كل هذا التعب على أكمل وجه.

كيف توازنين بين عملكِ وحياتك الخاصة وكيف تديرين يومكِ؟
أحب النهار، وأستيقظ يومياً ما بين السادسة إلى السابعة، وأحرص يومياً على أن أوصل ابنتي إلى حضانتها، ومن ثم أبدأ بإدارة يومي بنفسي حسب الأولويات، ولكن ممارسة الرياضة تشكل أيضاً جزءاً رئيسياً من يومي، لتمتعني بالطاقة طوال اليوم وأحرص عليها أيضاً لأنني أعمل في مجال من الضروري جداً أن أوازنه بالرياضة، وأخصص خلال يومي وقتاً محدداً لابنتي ولعائلتي وبيتي، ورغم انشغالي الدائم في مجال عملي إلا أنني حريصة جداً على الجوانب الاجتماعية والأسرية. فزمام الأمور أجعلها بيدي قدر الإمكان.
هل أنت أيضاً محبة للسفر، وما المدينة التي تجدين فيها نفسك؟
نعم أحبه كثيراً، وأهوى اكتشاف العديد من الأماكن التي لم أعتد على زيارتها، مثل آيسلندا فهي من الدول التي كنت أحلم بزيارتها منذ فترة وحققت ذلك مؤخراً، حيث استمتعت جداً بهذه الرحلة خاصة بمنطقة الأضواء الشمالية، لقد كانت من أجمل الرحلات. وكل بلد أو مدينة زرتها مثلت لي ذكرى ومواقف جميلة، لأن كل بلد كانت في عمر مختلف وفترة مختلفة. وأود زيارة جنوب أفريقيا لأني محبة بشدة للحيوانات.
كيف تحافظين على ما ورثته من جمال أمك؟
بالفعل تربينا على الحياة الصحية منذ الصغر، فكان دوماً الطعام الصحي هو الخيار الأول في بيتنا، واعتدنا على ممارسة الرياضة منذ الصغر أيضاً، وكل فترة أحرص على العناية الدائمة ببشرتي والاهتمام بها. فأنا أطمح إلى أن أصل إلى نفس عمر أمي وأكون برونقها وشبابها.

لو خيرت بالاحتفاظ بقطعة واحدة فقط، فماذا تختارين ولماذا؟
كل قطعة لها بنفسي مساحة مميزة، لكن القطع التي دوماً أرتديها ومن الصعب الاستغناء عنها، هي دبلتي، وخاتم أهدتني إياه أمي عند زواجي، وعقد أُهدي لي في يوم ولادتي على اسم ابنتي مها، وما يميز هذا العقد أن الاسم مكتوب فيه بطريقة فريدة وغير ملحوظة إلا لمن تمعن به. وفي حياتي اليومية الاعتيادية من الصعب أن أخرج من دون أقراط، فارتدائهم أساسي في مظهري اليومي.

ما هوايتك التي مارسينها والتي تشعري أنها قريبة لقلبك؟
هوايتي هي بالفعل عملي، فعملي يشعرني بالحب، وعلى الرغم من أن تصوير الدعايات والإعلانات يتطلب جهداً ووقتاً جباراً، إلا أنني فور الانتهاء منه، أشعر بالسعادة على الإنجاز الذي حققته. فهذا الشعور أحبه جداً، وأطمح بكل ما أملك من طاقة في الاستمرار بهذا العمل. صحيح أنني لم أخطط يوماً من الأيام لدراسة مجال التسويق في الجامعة الأمريكية، لأنني كنت أطمح بدراسة الطب وأن أصبح دكتورة، ولكنِ أحببت هذا
المجال عندما دخلته وها أنا أعمل فيه الآن، حتى أصبح عملي
وهوايتي.
كيف اخترتِ اسم ابنتكِ؟
ابنتي اسمها «مها» على اسم خالتي أم زوجي، وأنا أحب هذا الاسم كثيراً لأني لا أعرف «مها» ليست جميلة.
كيف تختارين أزياءك؟
أنا عاشقة للأسود، ولكن في أزيائي بشكل عام أحب البساطة وأحب أن تكون هناك قطعة واحدة مميزة وبارزة، وتكون هي محور «اللوك». فقد تجديني أرتدي لوك في غاية البساطة ولكن به قطعة مميزة هي الأساس
.
ما الذي يدور بقلبك الآن لهذه السيدة الجميلة «عبلة»؟
أقول لها شكراً على كل شيء فعلته من أجلي، وقد قلت لأمي مسبقاً أنني بعد أن أصبحت أم شعرت بكل شيء فعلتيه من أجلنا. فكم أتمنى أن أربي ابنتي كما ربتني أمي. فهي كانت ولا زالت أقرب صديقة لي.
ارتديت فستاناً رائعاً في زفافك لفت الأنظار، فأخبرينا عنه وكيف استوحيت جمال هذه الإطلالة؟
بحثتُ كثيراً قبل أن أختار فستان زفافي، ولكن كانت هناك صورة واحدة أعود إلى إلقاء نظرة عليها كل يوم، فقد وقعت في حبها وهي صورة لفستان تتويج «فرح ديبا» وليس فستان زفافها، فأخبرت المصمم العالمي «كريكور جابوتيان» بما أفكر، وبالفعل استهلمت فكرة فستان زفافي الجريئة وغير التقليدية من فستان تتويج الإمبراطورة فرح ديبا.
